92
أﻋﺘﺮف
ّ
أن
ﺑﻌﺾ أﻓﺮاد ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻻ ﯾﺸﻌﺮون ﺑﻀﯿﻖ
ذوي اﻹﻋﺎﻗﺔ وأﺳﺮھﻢ
وﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮭﻢ
ﻓﻨﻈﺮات ھﺆﻻء
اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ، ﺑﺸﺘﻰ أﻧﻮاﻋﮭﺎ، ﺗﺠﺎه
اﻟ
ﻄﻔﻞ اﻟﻤﻌﺎق ﺗﻜﺎد ﺗﻘﺘﻞ
أﻓﺮاد أﺳﺮﺗﮫ
وﺗﺠﻌﻠﮭﻢ أﻛﺜﺮ
ً
وﻏﯿﻈﺎ
ً
ﺳﺨﻄﺎ
ً
إﺣﺒﺎﻃﺎ
ً
وﺑﺆﺳﺎ
ﻟﮭﺬا اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺬي ﯾﻘﺮب ﻓﺎﻋﻠﯿﮫ إﻟﻰ اﻷﻧﻌﺎم ﻓﺎﻗﺪة اﻟﻌﻘﻮل، وﺗﮭﺰ ﺳﻤﺎت اﻟﺜﺒﺎت واﻟﺼﻤﻮد ﻓﻲ
ْ
ﻋﺮوﻗﮭﻢ وﻛﯿﺎﻧﮭﻢ وﻻ ﺑﺪ ﻷﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أن
ﯾﻌﻮا أﺧﻄﺎءھﻢ وﯾﺘﻢ ﺗﺠﺎوزھﺎ ﻓﺎﻟﺴﺨﺮﯾﺔ واﻟﻀﺤﻚ وﻧﻈﺮات
اﻟﺘﻌﺠﺐ واﻻﺳﺘﻐﺮاب ﺗﻌﺘﺒﺮ وﺻﻤﺔ ﻋﺎر ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺎھﮭﻢ، وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻄﻠﺐ إﻧﺰال اﻟﻘﻤﺮ أو ﺻﻨﻊ اﻟﺬرة
ﺑﻞ ﻧﻮد
ً
اﻟﺘﺼﺮف اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﺴﻠﯿﻢ واﻟﺼﺤﻮ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎت وﺑﻌﺾ اﻟﻮﻋﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﯿﺮﯾﺢ، ﻟﻮ ﻗﻠﯿﻼ
،
ذوي اﻹﻋﺎﻗﺔ وأﺳﺮھﻢ وﯾﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﻈﺮوف وﯾﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺪﻣﺎج واﻹﻧﺘﺎج واﻟﻌﯿﺶ ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺧﻠﻖ اﷲ
دون ﻣﮭﺎﻧﺔ أو ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻏﯿﺮ ﻣﺒﺮرة اﻟﺒﺘﺔ
.
ُ
ﻟﻘﺪ ﻗﺮأت
ﻓﻲ اﺣﺪ اﻷﯾﺎم ﻣ
ﻘﻮﻟﺔ اذﻛﺮھﺎ ﻻﻧﻄﺒﺎﻗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل
": ّ
إن
ﺗﺮﺑﯿﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﯾﺠﺐ
ً
أن ﺗﺒﺪأ ﻗﺒﻞ وﻻدﺗﮫ ﺑﻌﺸﺮﯾﻦ ﻋﺎﻣﺎ
، وذﻟﻚ ﺑﺘﺮﺑﯿﺔ أﻣﮫ
."
أﯾﺘﮭﺎ اﻷم اﻟﻌﺰﯾﺰة،
اﻟﺮﺟﺎل ﺻﺎﻧﻌﺔ
اﻷﺟﯿﺎل و
إﻧﻲ أﺗﻔﮭﻢ
ِ
ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻷﺳﻰ واﻟﺤﺴﺮة وﻣﺎ أﻧﺖ
ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻋﺘﺮا
ض وﺑﻐﺾ ﻟﻘﺴﻮة اﻟﺤﯿﺎة وﺷﺪﺗﮭﺎ وﻗﺪ أﺧﺘﺎرك
اﷲ
ّ
ﻋﺰ وﺟ
ﻞ
ِ
ﻟﯿﻤﺘﺤﻦ إﯾﻤﺎﻧﻚ وﯾﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﻚ إذا ﺻﻤﺪت
ِ
وﻧﺠﺤﺖ
ﻓﻲ اﻻﻣﺘﺤﺎن، واﻟﺮﺿﺎ ﺑﺎﻟﻨﺼﯿﺐ وﺑﺎﻟﻘﻀﺎء واﻟﻘﺪر
ﯾﻮﻓﺮ ﻟﻚ اﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ واﻟﺮاﺣﺔ وﻛﻠﻲ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄن ھﺬه اﻟﻤﺰاﯾﺎ ﺳﺘﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻃﻔﻠﻚ ﻛﺎﻧﺘﻘﺎل اﻟﺤﻠﯿﺐ ﻣﻦ ﺟﺴﺪك إﻟﻰ
. ﺟﺴﺪه
ﻟﻜﻦ اﻋﺬرﯾﻨﻲ أﯾﺘﮭﺎ اﻷم اﻟﺤﻨﻮﻧﺔ ﺳﺄﻗﺴﻮ ﻋﻠﯿﻚ ﺑﻜﻠﻤﺎﺗ
ﻲ رﻏﻢ ﺗﻔﮭﻤﻲ ﺷﻘﺎء ﻇﺮوف ﺣﯿﺎﺗﻚ وﺣﯿﺎة أﺳﺮﺗﻚ،
وﻋﻈﻢ
اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ وأھﻤﯿ
ﺘﮭﺎ
اﻟﻤﻠﻘﺎة ﻋﻠﯿﻚ وﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﻦ واﺟﺒﺎت ﻛﺘﻮﻓ
ﯿﺮ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﺼﻘﻞ ﺷﺨﺼﯿﺘﮫ
ة ﺑﻠﻮرو
ُ
ﻗﺪراﺗﮫ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺧﻼل ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻧﻤﻮ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﻓﻘﺪ ﻣﺮرت
ﺑﻤﺜﻠﮭﺎ ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﻛﻤﻌﺎق وإﻧﻤﺎ ﻛﻤﺮاﻗﺐ ﻋﻦ
ْ
ﻛﺜﺐ ﻷﺳﺮة ﻋﺎﺷﺖ
ﻓﻲ ﻇﻞ إﻋﺎﻗﺘﻲ، وﻻ
ّ
ﺑﺪ
ﻣﻦ إﺑﻼﻏﻚ أن أﺣﺎﺳﯿﺴﻚ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ واﻟﮭﺪاﻣﺔ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
اﻟﻤﺒﺮر ﺑﻘﻠﺐ ﺣﯿﺎﺗﮫ ﻟﺠﺤﯿﻢ وﺟﻌﻞ ﺣﯿﺎﺗﮫ ﻛﺤﯿﺎﺗﻚ، وھﻮ ﻻ ﯾﺪرك ﻣﺎ ﯾﺠﺮي ﺣﻮﻟﮫ وﻻ ﯾﻤﻠﻚ
ِ
ﻃﻔﻠﻚ ﻻ ﺗﻌﻄﯿﻚ
اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ واﻻﺧﺘﯿﺎر، وﯾﻤﻠﻚ ﻣﺸﺎﻋﺮ
وأﺣﺎﺳﯿﺲ
وﻛﯿﺎن ورﻏﺒﺎت ﻛﺒﺎﻗﻲ اﻷﻃﻔﺎل واﻟﺒﺸﺮ، ﻓﻌﺰﻟﮫ ﻋﻦ
ﺣﺎرﺗﮫ وأﻗﺮا
ﻧﮫ وﺑﻠﺪه وﺣﺮﻣﺎﻧﮫ ﻣﻦ ﻓﺮص اﻟ
ﺘﻌﺎﻣﻞ
ﻣﻊ
اﻵﺧﺮﯾﻦ
وﺗﻠﻘﻲ اﻟﺨﺒﺮات اﻟﺤﯿﺎﺗﯿﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ﺟﯿﻞ
ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻛﮫ وﺗﺼﺮﻓﮫ
ً
ﻣﺒﻜﺮ، ﯾﺴﺒﺐ ﻟﮫ اﻟﺠﺰع وﺿﻌﻒ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ وﻛﺄﻧﮫ ﻋﻘﺎب ﻟﺬﻧﺐ ﻟﻢ ﯾﻘﺘﺮﻓﮫ وﺳﯿﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ
وﺷﺨﺼﯿﺘﮫ وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﮫ
. ّ
إن
ﻃﻔﻠﻚ وﻟﺪ ﻛﺼﻔﺤﺔ ﺑﯿﻀﺎء ﺧﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﺒﺸﺮ
اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿ
، وﺔ
اﻟﺘﻲ
ِ
أﻧﺖ
ﺗﺨﻄﯿﻦ وﺗﺸﻜﻠﯿﻦ ھﺬه
ُ
اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻟﻤﺠﺴﺪة ﻟﺸﺨﺼﯿﺘﮫ اﻟﻤ
ة ﻟﺨﻮض ﻏﻤﺎر اﻟﺤﯿﺎة، ﻓﺎﺧﺘﺎري ﻗﻠﻢ اﻟﺨﯿﺮ واﻟﻤﻨﻔﻌﺔ
ّ
ﻌﺪ
ﻋﺰﻟﮫ
ّ
ﻓﺎن ﺗﻢ
ً
ﻣﻨﻌﺰﻻ
ً
ﻟﯿﻌﯿﺶ ﻣﻨﻄﻮﯾﺎ
، ﻓﻜﯿﻒ ﺳﯿﺤﺼﻞ ﻃﻔﻠﻚ
-
اﻟﺬي ﺗﺘﻮﻗﯿﻦ ﻟﺘﻘﺪﻣﮫ وﺗﺤﺪﯾﮫ ﻟﻠﺼﻌﻮﺑﺎت وﺗﻐﻠﺒﮫ
ﻋﻠﻰ ﻇﺮوف إﻋﺎﻗﺘﮫ
-
ﻋﻠﻰ ﻣﮭﺎرات اﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻨﺎﻓﺲ واﻟﺜﺒﺎت؟
ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ، ﻣﻌﺎق
ً
ﺳﯿﻜﻮن ﻣﻌﺎﻗﺎ
ً
وﺣﺘﻤﺎ
اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
،
وﻣﻌﺎق اﻹﺑﺪاع واﻻﺑﺘﻜﺎر
،
وذا اﺗﻜﺎﻟﯿﮫ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺧﻄﻮاﺗﮫ وﻣﺤﺪود اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺘﻔﻜﯿﺮ وﻓﺎﻗﺪ
اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ واﻟﺠﺮأة
.
ِ
وﻋﻠﯿﻚ إدراك اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أﻧﻚ
ِ
ﻟﺴﺖ
ﺧﺎﻟﺪة وﻣﺨﻠﺪة ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻃﻔﻠﻚ ﯾﺤﺘﺎج
ﻻﻛﺘﺴﺎب ﻣﮭﺎرات اﻻﻋﺘﻤﺎ
د ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺴﻠﯿﻢ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﯾﻦ، ﻟﯿﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻌﯿﺶ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﯿﺔ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ
أﻣﻜﻦ، وإﺣﺮاﺟﻚ أﯾﺘﮭﺎ اﻷم أﻣﺎم ﻧﺴﺎء اﻟﺤﺎرة أﺧﻒ واﻗﻞ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺿﺮار اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﻞ ﺑﻄﻔﻠﻚ ﺟﺮاء ﺳﻠﻮك
ٍ
. ﻏﯿﺮ واع
ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ وﺑﺈﻋﺎدة ﺗﺼﺤﯿﺢ ﻣﺴﺎر ﺗﺮﺑ
ً
ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮوي وﺑﺎﻟﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﮭﺎدئ ﺑﻌﯿﺪا
ِ
ﻓﺄﻧﺖ
ﯿﺔ ﻃﻔﻠﻚ