בית איזי שפירא - ספרו של מר נואף זמירו - page 58

57
ْ
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ
ُ
رﺣﻠﺔ راﺋﻌﺔ وﻣﻤﺘﻌﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﮫ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ، اﺳﺘﻤﺘﻌﺖ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺟﻤﺎل اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ
اﻟ
ُ
ﺨﻼﺑﺔ واﻵﺛﺎر اﻟﻤﺪھﺸﺔ واﻟﺼﺎﻣﺪة وﻗﻀﯿﺖ
أﺟﻤﻞ اﻷوﻗﺎت ﺑﺮﻓﻘﺔ أﺧﻲ
وﺻﺪﯾﻘﮫ ﻓﻤﻨﺬ إﻗﻼع اﻟﻄﺎﺋﺮة ﻣﻦ
" ﻣﻄﺎر
ﺑﻦ ﻏﻮرﯾﻮن
"
ْ
، ﺗﺘﺎﺑﻌﺖ
ْ
اﻟﻤﻔﺎﺟﺂت اﻟﻤﻤﺘﻌﺔ، ﺑﺪأت
ُ
ﺑﺮﻛﻮﺑﻲ اﻟﻄﺎﺋﺮة ﻷول ﻣﺮة ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ إذ ﺷﻌﺮت
ّ
ﺑﺎﻟﺨﻮف ﻗﻠﯿﻼ أﺛﻨﺎء ﺑﺪاﯾﺔ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻹﻗﻼع وﻛﺄن
ﻗﻠﺒﻲ ﯾﺴﻘﻂ ﻟﻸﺳﻔﻞ وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ
اﺧﺘﻔﻰ اﻟﺨﻮف وھﺒﻄﻨﺎ ﻓﻲ
ﺣﯿﺚ
ً
ﻣﻄﺎر اﻟﻘﺎھﺮة ﻟﯿﻼ
ﯾﺒﺪو
ﺟﻤﺎل اﻟﻘﺎھﺮة ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ﺑﺄﺿﻮاﺋﮭﺎ وأﻧﻮارھﺎ
.
ُ
ﺑﻌﻀ وزرت
ً
ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺎھﺮة
ُ
اﻟﺴﯿﺎﺣﯿﺔ وﺷﺎھﺪت
ُ
ﻓﻨﯿﺔ وﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﻣﻤﺘﻌﺔ واﻃﻠﻌﺖ
ً
ﻋﺮوﺿﺎ
ﻋﻠﻰ ﺣﻀﺎرة اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ وأﺳﺎﻟﯿﺐ
ﻋﯿﺸﮭﻢ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻟﻤﺜﯿﺮة
.
ﻧﺰﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﻨﺪق ﺳﻤﯿ
ﺮاﻣﯿﺲ اﻟﺬي ﯾﻘﻊ ﺑﻤﺤﺎذاة ﻧﮭﺮ اﻟﻨﯿﻞ اﻟﺬي أﻧﻌﻢ اﷲ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ
.
ُ
وﻗﺪ اﻋﺘﺪت
اﻟﺠﻠﻮس
ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺑﺘﻲ ﻓﻲ ﺷﺮﻓﺔ اﻟﻐﺮﻓﺔ واﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أﻃﻮل ﻧﮭﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﯿﺔ
.
وﻗﻤﺔ دھﺸﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪ
رؤﯾﺔ أھﺮاﻣﺎت اﻟﺠﯿﺰة ﻋﻦ ﻛﺜﺐ، ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﯿﻞ أﻻ ﺗﺘﺴﺎءل ﻋﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﺠﻤﯿﻊ آﻻف اﻷﺣﺠﺎر ﺣﯿﺚ ﯾﺰ
ن ﻛﻞ
ً
ﺣﺠﺮ ﻋﺪة أﻃﻨﺎن، إﻧﮭﺎ ﻓﻌﻼ
ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻟﻘﺐ إﺣﺪى ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﺪﻧﯿﺎ اﻟﺴﺒﻊ
.
َ
وﻣﺎ ﻟﻔﺖ
ّ
اﻧﺘﺒﺎھﻲ وﻧﻐﺺ ﻋﻠﻲ
رﺣﻠﺘﻲ
ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن أن ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺴﯿﺎﺣﯿﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﮭﯿﺄة ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻤﻌﺎﻗﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﻮن اﻟﻌﺮﺑﺎت
اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ، إذ ﯾﻨﻘﺼﮭﺎ اﻟﻤﻌﺎﯾﯿﺮ اﻟﺘﺼﻤﯿﻤﯿﺔ ﻟﻠﻤﻨﺤﺪرات واﻟﻤﺼﺎﻋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ و
ْ
أذﻛﺮ ﻣﺤﺎدﺛﺔ دارت
ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻦ
أﺣﺪ ﺳﺎﺋﻘﻲ
ﺳﯿﺎرات اﻷﺟﺮة
اﻟﺬي
ُ
ﻘﻠﻨﺎ ﻷﺣﺪ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﺑﻌﺪ أن أﺛﺮت
ﻟﮫ ﻗﻀﯿﺔ ﻋﺪم ﺗﮭﯿﺌﺔ اﻷﻣﺎﻛﻦ واﻷرﺻﻔﺔ
واﻟﺒﻨﺎﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻤﻌﺎﻗﯿﻦ، أﺟﺎﺑﻨﻲ أن اﻟﺴﻠﻄﺎت ﻻ ﺗﮭﺘﻢ ﺑﺎﻷﺻﺤﺎء ﻓﻜﯿﻒ ﻟﮭﺎ أن ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻗﯿﻦ
!!
ُ
ﻟﻘﺪ ﺟﻨﯿﺖ
ﻓﻮاﺋﺪ ﺟﻤﺔ ﻣﻦ ا
ﻟﺴﻔﺮ، ﻓﻤﺠﺮد اﻟﺒﺤﺚ واﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﺮﺣﻠﺔ ﻛﺎن ﻣﺘﻌﺔ ﻟﺬﯾﺬة، وﺑﻌﺪ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻷﺟﻮاء
ُ
ﺷﻌﺮت
ُ
ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻻرﺗﯿﺎح ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺴﻌﺎدة وﻃﻤﺄﻧﯿﻨﺔ ﻏﯿﺮ ﻋﺎدﯾﺔ، وﻣﺎ ﻗﻤﺖ
ﺑﮫ ﻣﻦ ﺗﺮوﯾﺢ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﺳﺎھﻢ
ُ
ﻓﻲ اﻧﺸﺮاح ﺻﺪري وﺗﻘﻠﯿﻞ اﻟﻀﻐﻮط اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺎﺑﺘﻨﻲ، وﺑﻔﻀﻞ اﷲ وﺣﻤﺪه ﺗﺨﻠﺼﺖ
ﻓﯿﺮوس " ﻣﻦ
اﻟﻤﻠﻞ "
ُ
واﻟﺴﺄم، وﻛﺴﺮت
اﻟﺮوﺗﯿﻦ اﻟﯿﻮﻣﻲ اﻟﺬي ﺗﻤﻠﻚ ﺣﯿﺎﺗﻲ
.
ُ
وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أﺣﺴﺴﺖ
ﻣﻦ ﺟ
ُ
ﻛﺄﻧﻲ وﻟﺪت
ٍ
ﺪﯾﺪ، ﺧﺎل
ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ
واﻟﻌﺼﺒﯿﺔ، ذ
و
ٌ
ھﻤﺔ وﻧﺸﺎط، ﻣﺘﺸﻮق
ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻵﻣﺎل واﻷﻣﻨﯿﺎت
.
ّ
إن
اﻟﻤﻌﺎق اﻟﻘﻮي ھﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟ
ﻘﻮي ﺑﺈرادﺗﮫ وﺗﻤﺎﺳﻜﮫ واﻟﺬي ﻻ ﯾ
ﻷﻊ ﺨﻀ
ﺮه،
ّ
ﺴﯿ
ُ
ھﻮاء ﻇﺮوﻓﮫ وﯾﺠﻌﻠﮭﺎ ﺗ
واﻟﻤﻌﺎق اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ھﻮ ذﻟﻚ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﯾﺴﺘﻌﯿﻦ
وﯾﺴﺘﻐﻞ إﻋﺎﻗﺘﮫ وﻋﺠﺰه ﻹﻗﻨﺎع
اﻵﺧﺮﯾﻦ
ﺑﺎﻟﻌﻄﻒ ﻋﻠﯿﮫ وﻗﺬف
ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻮال ﻟﮫ وإذا ﻓﻌﻠﮭﺎ ﻣﺮة ﻓﺎﻋﺘﻘﺪ اﻧﮫ ﺳﯿﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻟﻸﺑﺪ
.
إﻧﻲ أﺗﻄﺮق ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع دون ﺗﺠﺎھﻞ
اﻧﻌﺪام اﻟﻤﻌﻮﻧﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻌﯿﺸﯿﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﻗﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟ
ﻨﺎﻣﯿﺔ واﻟﻔﻘﯿﺮة وﺷﻘﺎء ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ
وواﻗﻌﮭﻢ اﻟﻤﺆﻟﻢ واﻟﺒﺎﺋﺲ وﻋﺪم ﺗﻮﻓﺮ ﻣﺨﺼﺼﺎت وﻣﺴﺎﻋﺪات ﺷﮭﺮﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻣﻌﺎﻗﻲ اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ
اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ وﻟﻜﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﯾﺤﺰ ﻓ
ﻲ ﻧﻔﺴﻲ وﯾﺼﻌﺐ ﻋﻠﻲ رؤﯾﺔ ﻣﻌﺎق ﻣﻄﺄﻃ
ﯾﺪه ﻟﻶﺧﺮﯾﻦ ﻟﻄﻠﺐ
ً
اﻟﺮأس ﻣﺎدا
اﻹﺣﺴﺎن واﻻﺳﺘﺠﺪاء
.
وﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﺎدي ﻻ ﯾﻌﻄﻲ اﻟﻤﻌﺎق ﻣ
ﻷن ﯾﺘﺠﮫ ﻟﻮﺳﯿﻠﺔ ﻛﮭﺬه
ً
ﺒﺮرا
.
ْ
َ
ﻃﻮر ﻗﺪراﺗﮫ، وﻋﻤﻞ ﺑﻨﺸﺎط وﺑﺈﺻﺮار ﻧﺤﻮ اﻟﻨﺠﺎح ﯾﻤﻜﻨﮫ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺮزق اﻟﻜﺮﯾﻢ وﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﮫ
ﺑﻌﺰﺗﮫ وﻛﺮاﻣﺘﮫ وﻛﺒﺮﯾﺎﺋﮫ
ً
اﻟﯿﻮﻣﻲ، ﺑﻌﺮق ﺟﺒﯿﻨﮫ وﺳﯿﺼﺒﺢ ﻗﻮﯾﺎ
.
وﯾﺎ ﺣﺒﺬا ﻟﻮ ﯾﺒﺎدر ﺑﻌﺾ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺬﻣﻢ
1...,59,60,61,62,63,64,65,66,67,68 48,49,50,51,52,53,54,55,56,57,...120
Powered by FlippingBook