בית איזי שפירא - ספרו של מר נואף זמירו - page 54

53
ﻛﺼﺒﺮ آل ﯾﺎﺳﺮ وﺗﺤﻤﻠﮭﻢ ﻣﺎ أﺻﺎﺑﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب، وﺻﺒﺮ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻋﻠ
ﻰ أذى اﻟﻜﻔﺎر وأذﻛﺮ اﻟﻨﺒﻲ أﯾﻮب اﻟﺬي
ً
ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﺜﻼ
ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺮ واﻟﺘﺤﻤﻞ، واﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺻﺒﺮوا ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺪاﺋﺪ واﻟﻤﺤﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﮭﺪ
ً
ﻋﻈﯿﻤﺎ
اﻟﺠﺒﺎل وﺗﻐﻠﺒﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﺑﻘﻮة إﯾﻤﺎﻧﮭﻢ وﺛﻘﺘﮭﻢ ﺑﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ
.
ً
واﺧﺘﺒﺎرا
ً
، ﻓﮭﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻣﺘﺤﺎﻧﺎ
ً
اﻹﻋﺎﻗﺔ ﻟﻢ ﺗﺼﺒﻨﻲ ﻋﺒﺜﺎ
ً
ﻣﻦ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ وﻣﻘﯿﺎﺳﺎ
ﻟﻘﻮة اﻹﯾﻤﺎن
واﷲ واﻟﺜﺒﺎت
اﺑﺘﻼه ﻟﻘﻮل رﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ
ً
إن أﺣﺐ ﺷﺨﺼﺎ
)
اﺑﺘﻼھﻢ
ً
إنﱠ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ إذا أﺣﺐ ﻗﻮﻣﺎ
(
، واﻋﺘﻘﺪ
أن اﻟﻤﻌﺎق اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﺤﮫ اﷲ اﻟﺴﻤﻊ واﻟﺒﺼﺮ وﻗﺪرة اﻟﻤﺸﻲ، واﺳﺘﻌﻤﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ واﻟﻜﻔﺮ
وﻗﺪ .
ُ
ﻟﻼﺧﺘ ﺧﻀﻌﺖ
ُ
ﺒﺎر ﻟﻔﺤﺺ إﯾﻤﺎﻧﻲ وﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻲ وﺳﻠﻮﻛﻲ وﻣﺪى ﺻﺒﺮي وﺛﺒﺎﺗﻲ وﯾﺒﺪو أﻧﻨﻲ ﻓﺸﻠﺖ
ﻓﻲ ﺑﺎدئ
اﻷﻣﺮ
اﻟﻨﺰال ﻓﻲ أول ﺟﻮﻟﺔ،
ُ
وﺧﺴﺮت
وأﺣﻤﺪ اﷲ ﻋﻠﻰ
ﻣﺮاﺟﻌﺘﻲ ﻟﻨﻔﺴﻲ
واﺳﺘﻌﺎدﺗﻲ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﺰاﯾﺎ اﻹﯾﺠﺎﺑﯿﺔ
واﻟﻀﺮورﯾﺔ
ﻗﺒﻞ ﻓﻮات اﻷوان
واﺳﺘﺨﻼص اﻟﻌﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ
ﺗﺪﻣﺮ ﻛﯿ
ْ
واﻟﻘﺎﺗﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎدت
ﺎﻧﻲ
وﺗﻤﺤﻮ
وﺟﻮدي،
و
ُ
أﯾﻘﻨﺖ
ّ
أن
اﻟﻨﺤﯿﺐ واﻻﻛﺘﺌﺎب واﻟﻌﺰﻟﺔ ﯾﻀﺎﻋﻒ ﻣﻦ ﺻﻌﺎب اﻹﻋﺎﻗﺔ وﯾﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻵﻻم
واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة، و
ﻻ ﯾﺪرك وﯾﺤﺲ ﺑﺎﻷﻟﻢ إﻻ ﻣﻦ ﯾﻤﺮ ﺑﮫ ﻓ
ﻜﻤﺎ ﺗﻘﻮل
ً
أﻣﻲ داﺋﻤﺎ
"
اﻟﻮﺟﻊ ﻣﺎ ﺑﻮﺟﻊ إﻻ ﺻﺎﺣﺒﮫ
واﷲ "
ﻧﺎ ﻋﻦ اﻟ
َ
ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﯿﱠﺰ
ﺤﯿﻮان ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻟﻨﺨﺘ
ﺎر ﻣﺎ
أﻓﻀﻞ
وأﺟﺪى
ﻟﻨﺎ وﻗﺪ ﺑﺎن ووﺿﺢ
ّ
أن
ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﻠﻞ واﻟﯿﺄس ھﻮ اﻟﺨﯿﺎر
اﻟﺴﻠﯿﻢ و
اﻟﻮﺣﯿﺪ
ﻟﺸﱠﻖ
اﻟﻄﺮﯾﻖ
ﺑﺎﺗﺠﺎه
ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻣﺸﺮق
ﺧﺎل ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻀﯿﻖ
. واﻟﻘﮭﺮ
إنﱠ
ّ
إﺻﺎﺑﺘﻲ ﺑﺎﻹﻋﺎﻗﺔ ﻗﻠﯿﻠﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻤﺎ ﻣﻨﺤﻨﻲ اﷲ ﻋﺰ
ّ
وﺟﻞ
ﻛﺜﯿﺮة أﻋﻈﻤﮭﺎ
ً
، ﻓﻘﺪ ﻋﻮﺿﻨﻲ وﻣﻨﺤﻨﻲ ﻧﻌﻤﺎ
ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻘﻠﺐ واﻟﻌﻘﻞ وا
ﯾﺘﻢ ﺗﻮاﺻﻠﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
ً
ﻟﺘﻔﻜﯿﺮ، ﺑﻮاﺳﻄﺘﮭﺎ اﺳﺘﻄﯿﻊ ﻋﺒﺎدﺗﮫ وﺷﻜﺮه، وﺑﮭﺬه اﻟﻨﻌﻤﺔ أﯾﻀﺎ
اﻟﮭﺎم
، ورﻋﺎﯾﺔ اﻟﺠﺴﺪ واﻟﺬات، وﺗﻨﻤﯿﺔ اﻟﻤﮭﺎرات، واﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﻤﮭﻤﺔ ﻟﺘﻘﺪم
وﺗﻄﻮر
اﻹﻧﺴﺎن
.
ً
وأﺣﯿﺎﻧﺎ
َ
أﺗﺄﻣﻞ ﻣ
ﻦ أﺻﯿﺐ ﺑﺈﻋﺎﻗﺔ ذھﻨﯿﺔ أو أي إﻋﺎﻗﺔ
أﺧﺮى أ
ﻗﺴﻰ
ﻣﻤﺎ أﻧﺎ
ﻓﯿﮫ
ﺤﻦ أ
ِ
وﻣ
ﺷﺪ
ﻣﻤﺎ ﻣﺮ
رت ﺑﮭﺎ
وﻣﻌﺎﻧﺎة
أﻛﺜﺮ
ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻲ
ﻓﺘﮭﻮن وﺗﺨﻒ ﻋﻠﻲ
إﻋﺎﻗﺘﻲ
وﻛﻞ
،ﮭﺎ ﻣﻮاﺟﻌ
واﺣﻤﺪ اﷲ ﻋﻠﻰ
وﺿﻌﻲ
وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﮫ ﻟﻲ
ﻋﻠﻰ و
اﻟﺠﻤﺔ ﻧﻌﻤﮫ
اﻟﺘﻲ
وﻻ ﺗﻌﺪ ﻻ
ﺗﺤﺼﻰ
.
َ
أﻛﺮﻣ
ﻨﻲ اﷲ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮﺑﺔ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ﻣﺪى اﻟﺤﯿﺎة ﻷﺻﺒﺮ وأﺣﺘﺴﺐ وأراد ﻟﻲ ذﻟﻚ واﺧﺘﺎرﻧﻲ ﻣﻦ
ﺑﯿﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻷﻛ
ﻮن ﻋﺒﺮة وﻋﻈﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ، ﻓﻤﻦ أﻛﻮن أﻧﺎ ﻷﻋﺎرض اﺧﺘﯿﺎره وإرادﺗﮫ؟
وﻣﺎ اﺑﺘﻼﺋﻲ إﻻ
ﻷﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻄﻲ اﻟﻌﺠﺰ واﻟﻨﻘﺺ ﺑﺎﻟﺘﻘﺮب إﻟﻰ اﷲ واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼء وأﺣﻈﻰ ﺑﺎﻟﺜﻮاب واﻷﺟﺮ ﻓﻲ
اﻵﺧﺮة، ﻓﻤﻦ أﻧﺎ ﻷرﻓﺾ ھﺬه اﻟﻨﻌﻤﺔ؟
ُ
ﻓﺄﺣﺒﺒﺖ
ﻣﺎ أﺣﺐ ﻟﻲ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺮارة داء اﻹﻋﺎﻗﺔ
إﻻ
ّ
أن
دواءھﺎ ﻣﻤﯿﺰ وﺣﻠﻮ اﻟﻤﺬاق ﯾﺘﻤﺜﻞ ﺑﺎﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﷲ وﺑﺮﺳﻮﻟﮫ واﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ واﻟﻌﺰﯾﻤﺔ واﻹﺻﺮار وﺣﺐ اﻟﺤﯿﺎة
اﻟﺘﻲ ﻋﻮﺿﻨﻲ ﺑﮭﺎ
ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ
واﺧﺘﺎرھﺎ ﻟﻲ
ﻣﻨﺠﺎة ﻟﺘﺠﺎوز اﻷزﻣﺎت وﺻﻌﺎﺑﮭﺎ
.
ُ
وﻗﺪ وﺟﺪت
ْ
اﻷﻣﺎن واﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ واﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺮﺣﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺰزت
ِ
ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن
ﻣﻦ ﺛﻘﺘﻲ ﺑﻨﻔﺴﻲ وإﯾ
ﻤﺎﻧﻲ ﺑﻘﺪراﺗﻲ
ْ
وﻗﯿﻤﺘﻲ ورﻣﻤﺖ
ﻗﻨﺎع اﻟﺨﺠﻞ واﻟﺤﺮج ﻋﻦ وﺟﮭﻲ ﻷﻟﺒﺲ ﻗﻨﺎع اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ
ُ
ﺗﺨﻠﺨﻞ ﻛﺒﺮﯾﺎﺋﻲ وﻛﺮاﻣﺘﻲ ﻓﺨﻠﻌﺖ
ً
ﻟﺤﻮاﺟﺰ اﻟﻤﺴﺎر وﻣﺘﻀﺮﻋﺎ
ً
واﻟﻮاﻗﻊ واﻃﺮد اﻟﺸﻚ واﻟﺤﯿﺮة واﻣﺘﻄﻲ ﻇﮭﺮ ﻓﺮس اﻟﺤﯿﺎة ﻣﺘﺤﺪﯾﺎ
ّ
ﷲ ﻋﺰ
ّ
أن وﺟﻞ
ﯾﻨﯿﺮ ﻟﻲ درﺑﻲ وﯾﯿﺴﺮ ﻟﻲ أﻣﺮي
.
1...,55,56,57,58,59,60,61,62,63,64 44,45,46,47,48,49,50,51,52,53,...120
Powered by FlippingBook