17
اﻟﺘﻮت اﻷرﺿﻲ ﻓﻲ ﻗﻄﻌﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻤﻠﻜﮭﺎ، ﻓﻤﻊ ﺑﺰوغ اﻟﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﯾﻮم
اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ
ُ
اﻋﺘﺪت
ﻋﻠﻰ ﺻﻮت اﻟﺒﺎﺑﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺒﺦ
ْ
اﻟﻤﺤﺎذي ﻟﻐﺮﻓﺔ ﻧﻮﻣﻲ ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ
أﻣﻲ
ﺗﺸﻌﻠﮫ ﻟ
ﺘﺤﻀﯿﺮ اﻟﻔﻄﻮر و
اﻟﺸﻄﺎﺋﺮ
ﻟ
ﺠﻤﯿﻌﻨﺎ
ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻦ واﻟﺒ
ﻄﺎﻃﺎ و
اﻟﻠﺒﻦ وﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﮭﺎء ﻣﻦ اﻟﻔﻄﻮر
وارﺗﺸﺎف اﻟﺸﺎي اﻟﺴﺎﺧﻦ ﺑﺎﻟﻨﻌﻨﺎع اﻷﺧﻀﺮ
ْ
ﻛﺎﻧﺖ
ُ
ﺗ
ﻌﺪ ﻷﺧﺘﻲ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت
وﺟﺒﺔ اﻟﻐﺪاء ﻗﺒﻞ ﺧﺮوﺟﮭﺎ ﻟﻠﺤﻘﻞ، و
ﺑﻌﺪ
اﻧﺘﮭﺎﺋﮭﺎ ﻣﻦ أﻣﻮر اﻟﻤﻨﺰل واﻟﻄﻌﺎم
واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻌﻨﺎ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﺤﻘﻞ اﻟﻮاﻗﻊ ﻏﺮﺑﻲ اﻟﺒﻠﺪة ﺑﻮاﺳﻄﺔ
ﻋﺮﺑﺔ
ﺗﺠﺮھﺎ
وﻓﻲ . ﺣﻤﺎرة
ﻧﮭﺎﯾﺔ
اﻟﯿﻮم اﻟﺪراﺳﻲ
اﻋﺘﺎد
ﺑﻌﺾ
إﺧﻮاﻧﻲ
اﻟﻠﺤﺎق
ﺑﺄﻣﻲ
إﻟﻰ اﻟﺤﻘﻞ
ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﮭﺎ ﻓﻲ
أﻋﻤﺎل اﻟﺤﻘﻞ ﻣﻦ
ﻗﻄﻒ
ﻟﻠﺜﻤﺎر
أو ﺗﻐﻄﯿﺔ اﺷﺘﺎل اﻟﺘﻮت، وﻋﻨﺪ اﻟﻤﻐﯿﺐ
أﺗﺮﻗﺐ
ً
ﻛﻨﺖ داﺋﻤﺎ
ﻋﻮدﺗﮭﻢ
وﺣﺎل وﺻﻮل اﻟﻌﺮﺑﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ
اﻟﺒﯿﺖ
ْ
اﻋﺘﺎدت
ﺷﻘﯿﻘﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻠﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﺔ ﻷﺣﻈﻰ ﺑﺒﻌﺾ ﻟﺤﻈﺎت اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع
ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻨﮭﺎ، وﻓﻲ ﺑﻌﺾ
اﻷﺣﯿﺎن
ُ
ﻋﺎرﺿﺖ
ُ
اﻟﻨﺰول ﻋﻦ اﻟﻌﺮﺑﺔ وﻃﺎﻟﺒﺖ
ﺑﺈﺑﻘﺎﺋﻲ
ْ
ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻨﮭﺎ وﻛﺎﻧﺖ
أﻣﻲ
ﺗﻨﺼﺎع ﻟﺮﻏﺒﺘﻲ
وﺗﺒﻘﻰ ﻣﻌﻲ
ﻟﻌﺪة دﻗﺎﺋﻖ
ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
ﻋﻨﺎﺋﮭﺎ
وﻋﺪم ﺗﻤﺎﻟﻜﮭﺎ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ
.ﮭﺎﯿرﺟﻠ
ُ
ﻟﻘﺪ ﻋﺸﻘﺖ
اﻟﺤﻘﻞ وﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﺑﮭﺠﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ وﻣﺴﺮة ﻟﻠﻘﻠﺐ واﻧﺘﻌﺎش ﻟﻠﺠﺴﺪ، ﻓ
ﻔﻲ
ُ
ﻧﮭ ﻄﻞﻋ
ﺎﯾﺔ اﻷﺳﺒﻮع
ُ
واﻟﻌ
ﻄﻞ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ
ً
ﻛﻨﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎ
ﻧﻘﻀﻲ
ﺳﺎﻋﺎت ﻃﻮﯾﻠﺔ
ﻓﻲ
اﻟﺤﻘﻞ و
ﺑﯿﻦ
أﺣﻀﺎن اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺨﻼﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ
ﺒﺪو
ﺣﻘﻮﻟﮭﺎ وﺳﮭﻮﻟﮭﺎ
ﻛ
ﺎﻟﺒﺴﺎط
اﻷﺧﻀﺮ
،
ُ
وﻛﻨﺖ
اﻧﺘﻈﺮ ﺣﻠﻮل اﻟﻌﻄﻞ ﺑﻔﺎرغ اﻟﺼﺒﺮ ﻷﺗﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻇﺮ اﻟﺠﻤﯿﻠﺔ
واﻟﮭﻮاء
اﻟﻄﻠﻖ و
اﻟﻨﻘﻲ
ُ
وﻗﺪ اﻋﺘﺪت
اﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ
اﻟﺘﺮاب ﻓﻲ ﺣﻘﻠﻨﺎ
وﻣﺮا
ﻗﺒﺔ أﺟﻤﻞ ﻋﺮوض اﻟﻔﻦ ﻋﻠﻰ
اﻹﻃﻼق
،
ﻓﺮﻗﺺ اﻟﻄﯿﻮر
ﻓﻲ اﻷﻓﻖ
ﺗﺤﻠﯿﻘﮭﺎ و
ﻋﻠﻰ أﻧﻐﺎم وإﯾﻘﺎع ﺗﻐﺮﯾﺪھﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ
أﺳﺮح
أﺗﺄﻣﻞ و
إﺑﺪاﻋ ﻓﻲ
ﺎت
وﻣﻌﺠﺰات
اﻟﺨﺎﻟﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻓ
ِ
ﺎﻟﺪﻧﯿﺎ ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﯿﺔ ﺟﻤﯿﻠﺔ ﻻ ﻣﺜﯿﻞ ﻟﮭﺎ، وﻏ
ُ
ﺼﺖ
ﻓﻲ ﺗﻔﻜﯿﺮ
ً
ﻣﺮارا
وﺧﯿﺎل
واﺳﻊ
ُ
ﻓﯿﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ
ﺣﺪأ
ھﺬه اﻟﻄﯿﻮر ﺗﺮﻗﺺ وﺗﺸﺪو و
ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻟﻤﻜﺎن دون ﻋ
ﺎﺋ
ﻖ أو ﺣﺎﺟﺰ
ﻟﻜﻦ ،
ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻛﻨﺖ اﺳﺘﻔﯿﻖ ﻋﻠﻰ واﻗﻊ ﻣﻐﺎﯾﺮ
اﻟﻜﺜﯿﺮ ﯾﻠﻔﮫ
ﻣﻦ
اﻟﻀﺒﺎﺑﯿﺔ
اﻟﻐﻤﻮض و
.
َ
ﺳﺒﺤﺎن اﷲ اﻟﺬي أﺑﺪع ﻛﻞ ﺷﻲ ﺧﻠ
َ
ﮫﻘ
وﺟﻌﻞ ﻟﻜﻞ ﻣﺨﻠﻮق
ً
ودور وﻇﯿﻔﺔ
ً
ا
ً
ورﺳﺎﻟﺔ
ً
وأﺟﻼ
وﺻﺮاﻋ
ً
ﺧﺎﺻ ﺎ
ً
ﻣﻦ ﺎ
أﺟﻞ
اﻟﺒﻘﺎء واﻟﺴﻌﻲ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻟﺮزق
، ﻓﺒﯿﻨﻤﺎ أﻧﺎ أﻓﻜ
ﺮ وارﻗﺐ اﻟﻄﯿﻮر وأﺗﻤﺘﻊ ﺑﻌﺮﺿﮭﺎ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ، ﻛﺎن
ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺰارﻋﯿﻦ ﯾﻨﺼﺒﻮن اﻟﺸﺒﺎك ﻟﺼﯿﺪھﺎ واﻟﺨﻼص ﻣﻨﮭﺎ ﻟﺘﺴﺒﺒﮭﺎ ﺑﺎﻷﺿﺮار ﻟﻤﺰارﻋﮭﻢ وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﮭﻢ
اﻟﺰراﻋﯿﺔ،
ﺣﯿﺚ
ﻛﺎﻧﺖ أﺳﺮاب اﻟﻄﯿﻮر ﺗﺪﻣﺮ اﻟﺜﻤﺎر وﺗﻌﯿﺚ ﻓﻲ
ﻣﺰروﻋﺎت
ً
اﻟﺤﻘﻞ ﻓﺴﺎدا
أ ﻣﻤﺎ
ﻓﻘﺪ اﻟﻤﺰارﻋ
ﯿﻦ
ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻃﺎﺋﻠﺔ
ھﻢ
ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﯿﮭﺎ
ﻟﺘﺴ
ﺪﯾﺪ اﻟﺪﯾﻮن وإﻋﺎﻟﺔ
. ﮭﻢ ﻋﺎﺋﻼﺗ
و
ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻟﺠﻮء واﻟﺪﺗﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ إﻻ أن
اﻟ
ﺪﺧﻞ
اﻟﻤﺎﻟﻲ ﻟ
ﻠﺤﻘﻞ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺴﺪ ﺟﻤﯿﻊ اﺣﺘﯿﺎﺟﺎت اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ،
ﻓﺎﻟﻤﺼﺎرﯾﻒ
ﺗﺘﻜﺎﺛﺮ
وأﻋﺒﺎء اﻟﺤﯿﺎة ﺗﺘﺰاﯾﺪ وأرﺑﺎح زراﻋﺔ اﻟﺘﻮت ﺗﺘﻘﻠﺺ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار
، وﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﺎﻟﻲ ﺑﺪأ
ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻗﻢ ﻣﻤﺎ
دﻓﻊ
أﺧﻲ اﻟﺒﻜﺮ
إﻟﻰ
ﺎر ﻣﺴ ﺗﺮك
ﺗﻌﻠﯿﻤﮫ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ
اﻟﺬي ﻛﺎن
ﻓﻲ
اﻷوﻟﻰ ﻠﮫﺣاﻣﺮ
واﻟﻠﺠﻮء ﻟﻠﻌ
ﻤﻞ
ﻛﻤﻮﻇﻒ
ﻓﻲ
ﻣﺼﺮف
ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪة ﻟﯿ
ﺑﺬﻟﻚ ﺼﺒﺢ
اﻟﻤﻌﯿﻞ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻟﻠﻌﺎﺋﻠﺔ،
ﻟﯿﻨﻀﻢ و
إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﻀﺤﯿﻦ
ﻣﻦ أﻓﺮاد
اﻷﺳﺮة
ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ
آﻣﻨﺔ، ﺣﯿﺎة
ﻛﺮﯾﻤ
ﺔ وﻣﺴﺘﻘﺮة
.
وﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻈﺮوف
اﻟﻘﺎھﺮة و
اﻟ
ﺤﺮﺟﺔ
اﻟﺘﻲ
ْ
ﺑ ﻋﺼﻔﺖ
ﺎﻟﻌﺎﺋﻠﺔ
و
ْ
ﺷ ﺟﻌﻠﺖ
ﻘﯿﻘﻲ ﯾﺘﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ
اﻟﻤﺎدﯾﺔ
واﻟﺤﯿﺎﺗﯿﺔ
ً
، ﻣﺒﻜﺮا
وإﺿﺎﻓﺔ
ﻟﻸﺟﻮاء
اﻟ ﻏﯿﺮ
ﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ﻧﺘﯿﺠﺔ
وﺿﻌﻲ اﻟﺼﺤﻲ
اﻟ
ﻤﺘﺮدي
واﻟﺮﻋﺎﯾﺔ واﻟﺮﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻤﺮاﻓﻘﺔ