בית איזי שפירא - ספרו של מר נואף זמירו - page 25

24
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ
وﻓﺎة واﻟﺪي
ووﺳﻂ
ﻓﻮﺿﻰ اﻷﻓﻜﺎر
واﻷﺣﺎﺳﯿﺲ
اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﻼزﻣﻨﻲ
ﻓﻲ أﺣﯿﺎن ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ
ﻓﻲ و ،
ﯾﻮم ﻣﻈﻠﻢ وﻛﺌﯿﺐ
ُ
ﻓﻘﺪت
واﻟﺪي
اﻟﻌﺰﯾﺰ
اﻟﺬي واﻓﺘﮫ اﻟﻤﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ
23/6/
و 1891
ُ
ﻗﺪ ﺗﻠﻘﯿﺖ
اﻟﺨﺒﺮ اﻟﻤﻔﺠﻊ
واﻟﺼﺎﻋﻖ
أﺛﻨﺎء
إﺣﺪى
اﻟ
ﻓﻲ ﺤﺼﺺ
أواﺧﺮ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺪراﺳﯿﺔ ﻟ
ﻠﺼﻒ اﻟﺜﺎﻟﺚ،
ﺣﯿﺚ
ﺣﻀﺮ اﺣﺪ أﻗﺮﺑﺎﺋﻲ إﻟﻰ اﻟﺼﻒ وﻃﻠﺐ
ﺧﺮ
وﺟﻲ ﻟﻠﻌﻮدة ﻟﻠﺒﯿﺖ
."
ﻟﻘﺪ ﺗﻮﻓﻲ أﺑﻮ
" ك
ﻗﺎل ﻟﻲ ﺑﺪون ﺳﺎﺑﻖ إﻧﺬار، و
ُ
ﺷﻌﺮت
ﻛﺄﻧﮫ ﺻﻔﻌﻨﻲ
ﺑﺸﺪة
وﺟﻌﻠﻨﻲ اﻓﻘﺪ
وﻋﯿﻲ ﻟﻠﺤﻈﺎت،
ﻓﻘﺪ
ُ
ﻏﺒﺖ
ً
ﻋﻦ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻗﻠﯿﻼ
ً
ﻣﺤﺎوﻻ
إدراك ﻣﺎ
ﺑﺪر ﻣﻨﮫ وﻣﺎ
ُ
ﺣﺪث، وﺧﻼل ﻟﺤﻈﺎت رأﯾﺖ
ﺑﺨﯿﺎﻟﻲ ﻣﻼﻣﺢ أﺑﻲ ﺑﻠﻘﻄﺎت ﺳﺮﯾﻌﺔ واﺑﺘﺴﺎﻣﺘﮫ اﻟﻌﺮﯾﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﯿﺎه وھﻮ ﯾﻀﻤﻨﻲ ﻟﺼﺪر
ه اﻟﺪاﻓﺊ،
وﻗﻠﺒﮫ اﻟﻌﻠﯿﻞ
اﻟﻨﺎﺑﺾ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﻣﺎن واﻻﺳﺘﻘﺮار، أﺻﺤﯿﺢ أن أﺑﻲ اﺧﺘﻔﻰ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻲ
؟ !!
إﻧﮭﺎ ﻣﺄﺳﺎة ﻛﺒﯿﺮة، وﺣﺘﻰ ھﺬه
اﻟﻠﺤﻈﺎت ﻻ
أﻗﻮى
ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ
ﻣﺪى
إﺣﺴﺎﺳﻲ
ﻲ اﻧ ﻔﻘﺪﻟ
أﺑﻲ وﻟﻮﺟﻮده ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ وﻟﻠﺬﻛﺮﯾﺎت اﻟﻤﺆﺛﺮة اﻟﺘﻲ
ﻣﺎ
ْ
ﻓﻲ زاﻟﺖ
اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻘﻠﺐ،
و
ً
ﻛﻨﺖ ﻣﺪرﻛﺎ
ﻗﯿﻤﺔ ﻣﺎ ﻣ
ُ
ﻠﻜﺖ
ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ ﻓﻘﺪاﻧﮫ، و
ُ
ﻋﻠﻤﺖ
ً
ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻤﺄﺳﺎة ﻟﻨﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎ
، ﻟﻘﺪ
ُ
ﻓﻘﺪت
رﺟﻞ
اﻟﺤﺰم وﺣﻀﻦ ﻃﻤﺄﻧﯿﻨﺘﻲ
وراﺣﺘﻲ، وﻛﻢ ﺑﺬل ﻣﻦ ﺟﮭﻮد ﻟﯿﺤﻘﻖ ﻟﻲ آﻣﺎﻟﻲ وأﻣﻨﯿﺎﺗﻲ ﻟﯿﺠﻌﻞ واﻗﻌﻲ
أﻛﺜﺮ ﺳﮭﻮﻟﺔ واﻗﻞ ﺷﻘﺎء،
و
ُ
ﺑﺠﻮاره ﻧﺴﯿﺖ
ﻣﺘﺎﻋﺐ
اﻟﺤﯿﺎة
،ﮭﺎ وأﺣﺰاﻧ
ﺪ ﺟﺮاﺣﻲ وواﺳﺎﻧﻲ وﺧﻔﻒ ﻣﻦ
ّ
ﻓﻀﻤ
ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻲ وآﻻﻣﻲ
وﻋﺰز ﻣﻦ
ﺻﻤﻮدي،
وأﻏﺪق
ﻋﻠﻲ
ﺣﺒﮫ وﺣﻨﺎﻧﮫ وﺗﻮﺟ
ﯿ
ﮭﺎﺗﮫ اﻟﺤﻜﯿﻤﺔ واﻟﺼﺎﺋﺒﺔ،
واذﻛﺮ ﻟﮫ
ﺣﻜﻤﺔ ﻛﺎن ﯾﻜﺮرھﺎ أﻣﺎﻣﻲ إذ ﻛﺎن ﯾﻘﻮل
:
ﻟﻲ اﻧﻈﺮ
إﻟﻰ اﻟﻤﺎء وﺧﺬ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ أﺳﻠﻮب
ﺟﺮﯾﺎن
ﺟﺪاوﻟﮭﺎ، ﻓﺈذا
ْ
اﻋﺘﺮﺿﮭﺎ ﺳﺪ أو ﻋﺎﺋﻖ، ﻏﯿﺮت
اﺗﺠﺎھﮭﺎ ﻟﻐﯿﺮه، وإذا ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ
ﻓﺘﻌﺘﻠﯿﮫ وﺗﺨﺘﺮﻗﮫ
.
ﺑﻌ
ْ
ﺪ أن ﺷﺎءت
إر
ادة اﷲ أن ﻧﺼﺒﺢ ﯾﺘﺎﻣﻰ
اﻷب، ﺗﻮﻛﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﷲ وﻓﻮﱠ
ﺿﻨﺎ أﻣﻮرﻧﺎ ﻟﮫ ﻓﮭﻮ ﻣﻦ ﺑﯿﺪه ﻛﻞ
ً
ﺷﻲء ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ وﻛﺎن ﻣﻮﻗﻔﺎ
ً
ﺻﻌﺒﺎ
أن اﺳﺘﯿﻘﻆ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح وﻻ أﺟﺪ أﺣﺪ اﻟﺬﯾﻦ أﺣﺒﮭﻢ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ، وﻻ اﺣﺪ
ﯾﻌﻠﻢ
أﻟﻢ
ً
اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻔﻘﺪان إﻧﺴﺎن ﻋﺰﯾﺰ إﻻ ﻣﻦ ﯾﻔﻘﺪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﻧﺴﺎﻧﺎ
. ﻛﮭﺬا
ً
ﺗﺄﺛﺮﻧﺎ ﻛﺜﯿﺮا
ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ وﻟﻜﻦ ﺑﻔﻀﻞ اﷲ
ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻤﻠﻤﺔ ﺟﺮاﺣﻨﺎ ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن وﺗﺪﺷﯿﻦ ﺟﺪران اﻷﻣﻞ واﻟﺘﻔﺎؤل ﻟﺒﻨﺔ ﻟﺒﻨﺔ، واﺳﺘﻐﻼل ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺤﺐ
اﻷﺧﻮي اﻟﻤﺪﺧﺮ ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ وﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، واﻻﺳﺘﻤﺮار ﺑﻤﺴﯿﺮة اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺘﻘﺪم واﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎق اﻟﺤﯿﺎة وﻗﺪ ﺟﻌﻠﺘﻨﺎ
ْ
اﻟﻤﺄﺳﺎة أﻛﺜﺮ وﺣﺪة، وﺗﻌﺎﻇﻤﺖ
اﻟﺮواﺑﻂ
اﻷﺳﺮﯾﺔ ﺑﯿﻨﻨﺎ، وأﺻﺒﺢ أﺧﻲ اﻟﺒﻜﺮ أب اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ
وراﻋ
َ
اﻷﺳﺮة
ﺑﻜﻞ ﻣﺎ
ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ
ْ
ﻦ ﻣﻌﻨﻰ، واﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ ﺗﻮزﻋﺖ
ِ
ْ
ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ أﻣﻲ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ
ﺗﺰرع ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻞ، وﻛﻞ ﻓﺮد ﻣﻨﺎ ﺳﺎھﻢ
ﺑﻤﺎ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ وﺣﺴﺐ ﺗﻮﺟﯿﮭﺎت أﺧﻲ وأﻣﻲ اﻟﻌﺰﯾﺰﯾ
ﻠﻦ اﻟ
ﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﯾﻌﻤﻼن ﺑﻜﻞ ﻣﺎ أوﺗﯿﺎ
ﻣﻦ ﻗﻮة
وﺟﮭﺪ
ﻟﺘﻮﻓﯿﺮ ﻣﺎ
ﺤﺘﺎﺟﮫ
ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت
ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ
.
و
ٌ
ﻛﺒﯿﺮ
ٌ
ﻣﻊ رﺣﯿﻞ أﺑﻲ اﻧﺘﮭﻰ ﺟﺰء
ﻤﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ
ﺟﻤﺎل
ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ
ﻓﻼ
ﯾﻮﺟﺪ أﻣﺮ ﯾﻮازي
اﺣﺘﻀﺎن
ﺑﻔﻘﺪاﻧ و ﻟﻲ واﻟﺪي
ُ
ﺷﻌﺮت
ُ
ﺑﺄﻧﻲ ﻓﻘﺪت
ﻋﻨﺼﺮ
ً
ﻓﻲ ھﺎﻣ ا
ً
ﺣﯿﺎﺗﻲ، ﻓﻠﯿﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟﯿﺴﯿﺮ أن أﻓﻘﺪ ﻣﺼﺪر اﻷﻣﻦ
1...,26,27,28,29,30,31,32,33,34,35 15,16,17,18,19,20,21,22,23,24,...120
Powered by FlippingBook